علاج التعود على العادة السرية
الإخوة الذين أرسلوا يطلبون علاجًا من التعود على ممارسة العادة التي كانت "سرية"
وأقول "كانت" لأنه يبدو أنها من الانتشار بمكان بحيث لم تعد محدودة أو فردية، وإنما
أصبحت طريقًا يرتاده الكثيرون لحل التناقض الموجود في مجتمعاتنا: بين تلبية الحاجات
الغريزية – المشتعلة بفعل ظروف كثيرة – وضعف فرص الزواج من ناحية أخرى.
يتضح ذلك من العدد الكبير من الرسائل التي يشكو أصحابها من نفس المشكلة
رغم اختلاف العمر والثقافة والحالة الاجتماعية!!.
والعملية تبدأ كالتالي: ضغط نفسي وجنسي في سن الشباب (دون العشرين غالبًا)
وعدم استطاعة مادية اقتصادية للزواج، ويبدأ الشباب في ممارسة الاستمناء كحل
وسط - في تصوره - بين الكبت والعلاقات غير المشروعة
لكن الممارسة تتحول إلى عادة، والعادة تصبح تعودًا وهو ما يشبه الإدمان الذي
يستمر أحيانًا لما بعد الزواج
وأبدأ بتأكيد أن المشكلة الأكبر في العادة السرية هي في آثارها النفسية بعيدة ومتوسطة
المدى وأن الآثار العضوية سهلة المعالجة بالتغذية والفيتامينات.
والمشكلة النفسية تنتج عن وجود حلقة مفرغة تتكون - مع الوقت - من خطوات تبدأ
بالإثارة الجنسية بمشاهد معينة، أو بخيالات ذهنية في الأشخاص أصحاب الخيال الجامح
هذه الإثارة تحدث نوعًا من التوتر النفسي، والاحتقان الدموي في الحوض، وأعضاء الحوض
التناسلية والبولية جميعًا، وفي الطبيعي فإن تخفيف هذا التوتر والاحتقان يتم عبر الممارسة
الجنسية بالجماع الكامل المشبع مع الزوجة
ولكن في حالة التعود على الاستمناء فإن الجماع مع الزوجة لا يكفي، بل وأحيانًا لا
تحدث لذة جنسية حقيقية إلا عبر ممارسة العادة، وفي بعض الحالات يمارس الرجل العادة
السرية أمام زوجته، أو في الفراش لتحقيق لذته "البديلة" التي لايستطيع الوصول إليها عبر
جماع زوجته!!.
وتعقب الممارسة فترة من الراحة النفسية والجسمانية قد تطول أو تقصر، ويبدأ بعدها
مرحلة الشعور بالذنب، وتأنيب الضمير، وتستمر حتى حدوث عملية إثارة جنسية جديدة
كافية لتراكم الشعور بالتوتر والقلق والاحتقان ثم تحدث الممارسة فالراحة.. وهكذا.
ويكون العلاج بكسر هذه الحلقة المفرغة، ويمكن هذا في عدة مواضع منها:
1ـ بالنسبة للإثارة: لا بد من محاصرة الأسباب المثيرة للشهوة من صور مرئية، أو غيرها
خاصة إذا كان المتزوج بعيدًا عن زوجته أو كانت في الحيض مثلاً، ومحاصرة الأسباب
أولى في غير المتزوج، وهذه المسألة هي أهم نقطة في العلاج.
2ـ بالنسبة للشهوة يمكن تهدئة الشهوة/ الرغبة الجنسية باستخدام بعض العقاقير بجرعات
خفيفة، ويستخدم بعض الأخصائيين جرعة ليلية تتكون من "قرص تريبتيزول 25 مجم +
قرص ميليريل 30 مجم"، مع ملاحظة أن هذه العقاقير تؤثر على الرغبة الجنسية فتقللها
وتؤثر على الانتصاب فتقلله أيضًا ، ويضاف إلى هذا حتمية استثمار الطاقة الذهنية
والبدنية في أنشطة حقيقية :رياضية، وفكرية، وغيرها لأن جزءا من المسألة يتعلق بالفراغ
النفسي والذهني، والركود البدني، وامتلاء هذا الفراغ هام للعلاج.
3ـ بالنسبة للممارسة نفسها:
تتم الممارسة بحكم التعود، ولتخفيف التوتر، وتحقيق الراحة واللذة المؤقتة، ولذلك ينبغي أن يبدأ التدرب على "التعود العكسي":
* بالنسبة للمتزوج ينبغي أن يتم الربط المستمر بين التهيج الجنسي بوسائله المعروفة
والجماع مع الزوجة بعده مباشرة
وفي هذا تتجلى حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: "من رأي من امرأة "
لا تحل له" ما يعجبه، فليعد إلى بيته ويصب من زوجته فإنما البضع واحد" والفاء في
"فليعد" للترتيب والتعقيب
أي "جماع عقب كل تهيج"، وبالتالي فإن الابتعاد عن المهيجات يكون لازمًا بديهيًا في
حالة وجود عذر عند الزوجة، أو السفر بعيدًا عنها، أو في حالة الأعزب "كما أسلفنا".
ويساعد الأعزب والمتزوج أن يستخدم رمزًا معينًا يركز فيه لكسر الصلة بين التهيج
والاستمناء، بعضهم يرتدي قفازاً في يده، وبعضهم يلبس خاتماً، وبعضهم يبادر عند
التهيج بوضع مادة ذات رائحة كريهة، أو ربط يده بخيط بحيث يعيقه عن
الاستمناء .. إلخ.
إذن كسر التتابع بين التهيج والاستمناء أساسي، ويختار كل شخص ما يردعه أو
يناسبه، ومجال الإبداع في هذا مفتوح.
* إذا حدث الاستمناء يعاقب الفاعل نفسه فوراً بعقاب جسماني مؤلم وفي حالة نجاحه في
كسر الصلة بين التهيج والاستمناء، وبالتالي "عدم الاستمناء عقب التهيج"، فلابد من
أن يعطي لنفسه مكافأة في شيء يحبه، ويكون في المكافأة جانب مادي: حلوى يأكلها
أو ما شابه.
* إذا حدث الاستمناء، وعاقب الفاعل نفسه، فإن هذه العقوبة تكون البديل عن لوم
النفس وتأنيبها، لأن هذا اللوم عقيم، ويبدد الطاقة النفسية في ألم غير نافع، إنما ينبغي
الاستعداد للمرة القادمة بشكل أفضل.
* إذا تكرر الاستمناء لابد أن تزداد العقوبة، وإذا تكرر النجاح لابد من زيادة المكافأة.
4ـ برامج موازية: بالنسبة للمتزوج فإن إعادة اكتشاف الزوجة "جنسيًا" أمر هام
ويكون هذا عبر برنامج متدرج يربط بين مثيرات الشهوة: من صور وخيالات، وبين
أعضاء زوجته، وجسمها، ويمكن أن تحدث - لتحقيق ذلك - لقاءات جنسية يتعرى
فيها الزوج والزوجة، وتقتصر على تحسس كل منهما لجسد الآخر بنعومة وهدوء وتأمل
ولو دون ممارسة "جنسية كاملة - والهدف من هذا إعادة الاعتبار الذهني والنفسي
والمادي لسبيل الإشباع الطبيعي للشهوة الجنسية
وينجح هذا البرنامج حين يحدث الربط بين المؤثرات المهيجة وجسد الزوجة وأعضائها
بوصفها مؤثرات مهيجة من ناحية، وبوصفها "ميدان العمل" لقضاء هذه الشهوة من
ناحية أخرى.
5ـ جسد الزوجة، وموضع عفتها تحديدًا، هو موضع الحرث واللذة وقضاء الشهوة
وينبغي أن تنفصم العلاقة الذهنية والمادية لدى المستمني بين فرجه: كونه موضعًا لتحقيق
اللذة، وأداة تحقيق هذه اللذة؛ ليصبح فقط جزءاً من أداة تحقيق اللذة، وموضع تحقيقها
دون أن تكتمل هذه اللذة إلا بالنصف الآخر - عضو زوجته - أداة وموضعًا.
ماذا أقول؟!.. بصراحة أكثر – ولا حياء في الدين – ينبغي أن تتغير الصلة الحميمة
القائمة بين الرجل وقضيبه، لتحل محلها علاقة أكثر حميمية بينه وبين أعضاء زوجته
الجنسية الأساسية: الفرج والثدي والمؤخرة، وأعضائها الجنسية الثانوية، الشعر، والرقبة
والأنامل، بل وسائر الجسد.
6- أما غير المتزوج فأرجوه أن يندفع بكل جهده ليتزوج فإنه أحصن للفرج، وأغض
للبصر، والجزء الأهم في العلاج. وحتى يحدث الزواج فعليه بالصوم، وبقية ما ذكرته
من نقاط.
7- يبقى أن أقول أن علاج الاستمناء ليس هو الأصعب بمعنى أن التوقف عنه ممكن إن
شاء الله، ولكن الأهم، وأحياناً الأصعب علاج آثارها، ومنها سرعة القذف، وهذا
موضوع آخر.
8- كما أجدني محتاجًا للتذكير بأن نسيان الذنب هو من التوبة، وأن الشيطان، والنفس
الأمارة بالسوء إنما تلعب أحياناً بمشاعر الإنسان حتى تزرع في نفسه اليأس، وتضع أمام
مخيلته مشهده منكسرًا مهزومًا بينما التائب من الذنب حبيب الرحمن..
- هل تراني أعطيت الموضوع حقه؟! أرجو ذلك ! ..
فقط أقول لك ولإخواني الذين مازالوا في أول طريق الاستمناء أو منتصفه: لا توغلوا أكثر فالصعوبة تزداد
وأقول لمن قطعوا الشوط الأكبر: قد قاربتم على الانتهاء فتجاوزوا العقبة.
- ولا يفوتني التنبيه على أن كل ما قلته رغم إطنابه وأحكامه - بعون الله - لا يغني عن استشارة الطبيب النفسي المتخصص عند الحاجة لذلك.. والله من وراء القصد، هو خير معين على كل صعب عسير، نستعين به مع كل فاتحة، وهو يعين ويفتح على كل من يستعين ويستفتح.